كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)
الخلق؛ ليدينوا له عبودة، لا ليشتغل الخلق بالأشياء عن صانع الأشياء، فتلهيهم الأشياء عنه، ويفتتنوا بها، فإذا فعل ذلك أحد من خلقه، فأعجب بشيء من خلقه، غير ذلك الحال ليفسد إعجابه، وكان هذا من فعله حق؛ لأن من شرطه لما خلق الخلق: أن ينظروا إلى صنعه، ويروه محموداً.
ألا ترى إلى آدم -صلوات الله عليه- حين فتح عينيه، فنظر إلى خلق نفسه، وعطس، فقال: الحمد لله، فرضي الله ذلك من فعله، ورضي عنه رضاً لم يضره معه ذنب، فأذنب، فرزقه التوبة والرحمة والمغفرة، ورده إلى جواره.
وأما قوله: ((لو كان شيءٌ سابقاً للقدر، لسبقته العين)): فإن الله -تبارك وتعالى اسمه- قدر المقادير قبل الخلق بخمسين ألف سنة، فيما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أبرز الخلق، وليس شيء من الخلق يسبق القدر؛ لأنهم بعد القدر خلقوا، وإنما قدر الخلق؛ ليخلق، وليظهر ملكه وربوبيته، فيحمدوه ويعبدوه، ويضيفوا الأشياء إلى وليها وصانعها.
وروي لنا في الخبر: عن وهب من منبه: أنه قال فيما يحكي عن الله -تبارك اسمه- في الكلام الذي أقبل به على خلقه يوم السبت حين فرغ من