كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)

رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأخبار: أن العائن يتوضأ، أو يغتسل، فيغسل بتلك الغسالة، هذا المعاين، فيخف ما به، وينحل من ثقله كما ينحل صاحب الإخذة من سحره، فإن إخذة العائن من قبل الخلق، وإن الحق لا يرضى أن تضاف الأشياء إلى غير خالقها، ومن أول ما يقتضي الحق: أن تنسبوا الأشياء إلى مالكها ووليها، فهذا أول شأنه، فإذا أخذت الأشياء تناولاً عن الأسباب في حال غفلة عن الله، اقتضى الحق شكرها لولي الحق، فإذا نظروا إلى الأشياء، فأعجبوا بها، ناشد الحق وليها في إفساد ما به أعجبوا؛ لأن تلك نعمة حدثت من الملك والربوبية من خزائن المنة على أيدي لطفه، فغيرها العباد بعمى النفوس عن جهتها، فغير الله ما بهم، وهو قوله عز وجل: {ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمةً أنعمها على قومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم}، فهذه إخذة الحق.
وأما الغسلة فيه: فإن العين إنما جاءت من قبل النفس الغافلة المحجوبة عن الله عقلها، التي لما نظرت إلى صنع الله، وفيها إعجاب بالأشياء؛ للشهوة التي قد ركبت فيها بجميع ما يلائمها،

الصفحة 34