كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)
أعجبت بذلك، وعجزت لما فيها من الحجب المظلمة التي احتوشتها عن درك رؤية عظيم صنع الله، ولطفه في صنعه، وبره بالعبد، وعطفه عليه، فافتتنت بذلك الشيء، فكره الله ذلك من فعلها، فأفسد عليها إعجابها، وغير الحال، رحمة للناظر والمنظور إليه؛ ليكون للناظر عبرة، وللمنظور إليه خروجاً من أن يكون سبباً لما كره الله من فتنة العباد بمن دونه، وكذلك الأصنام والأوثان، عبدت من دون الله، فهي، وإن لم يكن لها ذنب، فهي مزجورة.
ألا ترى: أن سليمان -صلوات الله عليه- لما شغلته الخيل الصافنات الجياد -حين عرضت عليه- عن صلاة العصر، فطفق مسحاً بالسوق والأعناق، فعرقبهن بالسيوف، وضرب أعناقهن؛ لئلا يبقى على ظهر الأرض من صار له فتنة، وشغله عن أمر الله تعالى، وكان ذلك من زينة الحياة الدنيا، فلما فتنته أبادهن، فإنما اجترأ سليمان عليه السلام في ذلك على ما علم من تدبير الله، فأمر هذا الناظر العائن أن يغتسل، فإن الغسالة هي مرفوضة.