كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)

بهذه الصفة في كل عمل يلتمسون ثوابه غداً، وهذا موجود في العامة من الموحدين في كل عمل أخلصوه لله، فهذه الخصال موجودة في ذلك العمل؛ لأنه لا يحسن أن يميز هذا الاسم، ويطالعه بقلبه في صدره؛ لأن صدره مرج من المروج ملتف فيه من النبات ما إذا تخطى فيه، لا يكاد يستبين موضع قدمه أين يضعه من كثرة التفات ما فيه من البردي والأشجار والحطب.
فهذا صدر فيه إشغال النفس وفتنتها، ووساوس شهواتها، فمن أين يبصر في صدره الخواطر والمشيئات، والإرادات والنهوض، والارتحال وجنود المعرفة؟ ولكن الله تعالى لما رحم الموحدين، ومن عليهم بالتوحيد، ضمن هذه الأشياء توحيدهم، وأودعها قلوبهم، فهم بتلك القوة يعملون أعمال البر، وربما أخلصوا، وربما خلطوا، وربما اطمأنوا، وربما نافقوا، ولذلك وضع الحساب في الموقف؛ لتخليط الإيمان بالنفاق، والصدق بالكذب، والإخلاص بالشرك؛ أعني: شرك الأسباب، وإنما يستبين الذي وصفنا لقلبٍ أجرد أزهر في صدر فسيح قد شرحه الله للإسلام، فهو على نورٍ من ربه، رطب بذكر الله، قد لان بلطف الله، ورطب برحمة الله، وصلب بآلاء الله، وبذلك وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((قلب المؤمن أجرد أزهر)).

الصفحة 457