كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)

فصدره كمفازة جرداء فيها شمس تزهر.
ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله في الأرض أواني، ألا وهي القلوب، فخيرها: أصفاها، وأرقها، وأصلبها)).
فأصفاها من كدورة الأخلاق، وأرقها للإخوان، وأصلبها في ذات الله تعالى.
فالناس في هذه النية على طبقات:
فأما نية العامة: فارتحالهم إلى الله بهذا العقل والعلم، والذهن، والهمة، والإضمار، والعزم، فمبلغ ارتحالهم: الجو.
ثم ليس لقلوبهم من القوة ما يرتحلون، فيطيرون؛ لأنه لا ريش لقلوبهم، فيطيرون، والجو مسدود؛ لأن القلوب لما مالت إلى النفوس، فأطاعتها، انسد طريقها إلى ربها؛ لأن القلوب إنما أعطيت معرفة التوحيد، ومن عليها بذلك، فقويت بقوة وافرة بالغةٍ؛ لتمد النفس بما فيها من الشهوات إلى الله، فتطيعه، فتمت حجة الله على القلوب بما أعطيت، فلما ضعفت، ولم يتشمر لأمر الله بما أعطيت من الجنود، ولم يجاهد النفس حتى يغلبها، ويأسرها بجميع ما فيها من الشهوات فيذلها.

الصفحة 458