كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)
فبالخلق حاجة إلى معاينة الآجل، وإنما يعاينونه بالعاجل، ولهذا ضرب الله الأمثال في تنزيله، وعجل لأهل الدنيا من نعيم الجنان أنموذجاً، وهو: الأنوار، والطيب، والذهب، والفضة، واللؤلؤ، والزبرجد، وسائر الجواهر، فلو لم يرهم ذلك في دار الدنيا، ثم وصف لهم الجنان بهذه الأشياء، لم يفهموا عنه تلك الصفة.
ألا ترى أنه وصف ثلاث درجات: درجة فضة، ودرجة ذهب، ودرجة نور، وهي مئة درجة، فإنما أمسك عن وصف سائر الدرجات؛ لأنه ليست عندهم أنموذجاتها، فيفهمون بها عنه ما يصف، وذلك قوله تعالى: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرة أعينٍ}؛ لأن النفوس لم تعاين شيئاً من ذلك في الدنيا، فلو سميت لهم، لم يعقلوها، ولم يعلموا من ذلك إلا الاسم، فالسيف أمره لا يكاد يلبث صاحبه، فكذلك المرأة شهوتها من بين الشهوات كالسيف من بين الأسلحة.