كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)

قدر عقله وعلمه، وذهنه، واستعماله لهم، يمكنه أن يطير فتحتظي تلك النفوس من ذلك المحل، وتأخذ قوتها، وتستمر في الطاعة.
وأما العارفون: وهم الصديقون، فإن نياتهم قد صارت كلها نية واحدة؛ لأن القلب قد ارتحل إلى الله بمرة، ووجد الطريق فمر، واشتغل بالنفس بما فيها من الشهوات، لينة منقادة، قد تحولت من الخيانة إلى الأمانة، وانقاد [ت] للقلب، فالقلب: أمير، والنفس: أسيرة حتى صارت أمينة بعد الأسر، والقلب قرينة أكرمت بكرامة القلب، فهذا صاحب العسل والشهد، فارتحال قلوبهم إلى المعسكر عند ذي العرش، ولهم مطاف، وأعمالهم معروضة على الله في كل مفرج، ولا توضع في الخزائن حتى تعرض، وينظر إليها الرب -تبارك اسمه-، ويتقبلها، ثم توضع بعد القبول في خزائن الخاصة.
وأما العارفون الحكماء: حكماء الله لا حكماء التدبير، فهم الذين اطلعوا على بدو الربوبية، ومحل القربة، فهم خاصة الله في بحور الله، يعملون

الصفحة 461