كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)

خروجه من الدنيا؛ لأنه خلقه عبداً ليعبده، ثم وعده أن يحرره يوم الموقف إذا أتاه بالعبودة، فيقعده في داره دار السلام، وقال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.
فنحن نسعى في هذا الرق إليه إلى يوم اللقاء، وهو خروج الروح، وقبض النفس عن الدنيا: {ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمنٌ فأولئك كان سعيهم مشكوراً}: شكر الله لهم بمغفرة الذنوب، والرضا عنهم، وتملكهم الجنان، وقضاء المنى والشهوات أبداً، {ورضوانٌ من الله أكبر}، فلما آمن العبد بربه، ألقى بيديه إليه سلماً، وقبل أمره وعبوديته، فقبله الله، وأقبل عليه بالمعونة له.
وقد قال تعالى: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون}؛ أي: في العون والنصرة، فما دام العبد مقبلاً على الله تعالى، فإقبال الله عليه، ومن ذا يعلم ما في حشو هذا الإقبال إلا أهله؟ فإذا أعرض العبد مغتراً بخدائع النفس وأمانيها وأكاذيبها، فأقبل على النفس، وقبل منها ما تأتي به، فقد أعرض عن الله، ومال عنه، فأعرض الله عنه، وعذب قلبه، ورث عليه

الصفحة 463