كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)

أشغال الدنيا رثاً حتى يغرق فيه قلبه، وانقطع المدد والعون، فإذا تاب إلى الله، ونزع، خرج من هذا الغرق برحمة أدركته من الله، وغوثٍ أغاثه.
ولم يحب أن يضيع صنائعه، فجاد وتفضل، وفتح باب الرحمة نظراً منه لمنته وأياديه التي كانت له عند العبد، فوجد القلب خلاصاً، وعاد العون والمدد، فلم يزل العبد يترقى درجة درجة، وتفضل الله عليه بالكرم، وجاد بالإقبال، فانتعش بعد النكس، وحيي بعد الموت، حتى توردت بساتين توحيده، وانفطرت مكنون جواهره كانفطار الينابيع، وانفلاق الحبوب عن بذورها، وأزهرت فأينعت، وذلك قوله تعالى: {فالق الحب والنوى}، و {فالق الأصباح}، {يخرج الحي من الميت}.
فأخذ العبد يسعى في الرق والعبودة، وكلما عمل شيئاً من الأعمال، احتسب به على الله في العبودة التي قبل منه، بمنزلة رجل دين في عنقه بأمانة، فهو يفك رقبته بأدائه شيئاً بعد شيء، إذا أدى عشرة، احتسب بها على صاحب الدين قضاء ووفاء، وإذا أدى مئة، فمثل ذلك، وإذا أدى ديناراً، احتسب به قضاءً من ذلك الدين، وإذا أدى جوهراً، احتسب به قضاءً، وإذا

الصفحة 464