كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)

مواقيت الصلوات، جاء العبيد بالعهود، فأوجب لهم الجنة، ثم كان من عطف الله الجليل أن زادهم بجود جلاله هذه الصلاة بعد صلاة العشاء، وسن لهم على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم فيها موقفاً يدخلون في ذلك الموقف على الله بالتكبير المجدد، فيكون كمن دخل الدار، ثم تخطى من الدار إلى محل الملك من السرير، والمجلس بين يديه واقفاً يرفع إليه رغباته، ويعتذر إليه من عمل نهاره، ومن تقصيره وتفريطه، ويفتقر إلى الله، ويبتئس، ويتمسكن، ويتخشع، ويتضرع، ويتعوذ من الأهوال، والأخطار التي هو عليها، فإنما استأنف التكبير، ورفع اليدين في الركعة الثالثة، وهو في الصلاة؛ لأنه انتقل من موقف إلى موقف أجل منه، فالصلوات الخمس تكفير لسيئاتهم.
في ذلك الموقف من الوتر: نوال يملأ منه رغباتهم، ومركز يجدون فيه سعاداتهم، فالنوم بعد النوال أفضل من أن يؤخرها إلى آخر الليل، وإذا أوتر أول الليل، عرجت نفسه إلى الله في منامها مع الفوز بالنوال والمعاد، فترجع مع المزيد، فلذلك أوصاه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا ينام إلا على وتر.
وكان أبو بكر رضي الله عنه يوتر قبل أن ينام، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((متى توتر يا أبا بكرٍ؟))، قال: أول الليل أحرزت نهبي، وأبتغي النوافل، قال: ((أخذت بالحزم))، وقال لعمر رضي الله عنه: ((متى توتر يا عمر؟))، قال: آخر الليل،

الصفحة 479