كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)

تخرج على قدر ما عنده من قوة القلب في الدعاء، فرب دعاء من داع يخرج مع نور وافر بمنزلة شمس تطلع، ودعاء يخرج مع تقصير، فنوره بمنزلة قمر يطلع، ودعاء يخرج مع تقصير كثير، فنوره بمنزلة كوكب، فإنما تفاوت دعاء الموحدين وتباين؛ لاختلاف مخارجه من المعادن.
ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن القلوب أوعيةٌ، وبعضها أوعى من بعضٍ، فإذا دعوتم الله، فادعوه وأنتم موقنون بالإجابة؛ فإن الله لن يستجيب دعاءً عن ظهر قلبٍ غافلٍ)).
فظهر القلب: هو دعاء قد تعلمه، فهو يدير الكلمات بمضغة لسانه في حنكه، وفي لهاته، وليس عنده وراء ذلك شيء إلا تلك الإرادة التي في القلب يبتغي بها خيراً من عند ربه، وهو لا يدري ذلك الخير، وهو عنده كالجزاف غير مفتقر إلى تلك الحاجة، فهو كصبي لقن شيئاً،

الصفحة 487