كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)

فتلقن، نطق من غير عقل، أو كسكران لقن شيئاً، فالتقن فليس لكلام الصبي والسكران بالٌ عند الخلق، ولا عبوء به، إلا أن الكريم لما علم إرادة الخير من الداعي، أعطاه على ذلك أجراً، إن دعاه على رجاء أن ينال منه معروفاً.
فأما الاستجابة: فهو بعيد منها؛ لأنه لم يخرج منه الدعاء على الجد والاجتهاد، ولو كان ذلك منه جداً، لترك الإباق من ربه بالذنوب، والمعاصي، والبطالات، والإكباب على الدنيا، والاستخفاف بحق الله، وبداره، وبيوم الحساب، وبوعده، ووعيده، ومواعظه، والموت الذي جعله آية من آياته يأتيه عياناً، فإذا نفسه ملقاة تغط غطيط البكر المخنوق حتى يفارق الروح الجسد، فالآبق يأبق في دار الدنيا من مولاه، ويدعو في حال إباقه، ويراسله، فيستوجب المقت من سيده؛ لأنه في صورة المستهزئين بسيدهم.
فالكريم الجواد واسع لعبيده الذي عاد عليهم بأعظم الأشياء، وهي المعرفة، فلم يترك هذا العبد خالياً صفر اليدين إذا مد يديه إليه حتى يأجره على ذلك؛ لأنه سبحانه دعا العبيد إلى أن يأتوه بقلوبهم، فيقرعوا الباب

الصفحة 488