كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)

{وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همساً}، ذهب الصوت، وقوة ذرو الكلام.
وقال تعالى: {ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعةً}؛ أي: ساقطة هامدة، فمن لم يكن في قلبه تراكم أثقال المعرفة، فيخشع بأركانه، فذاك نفاق؛ لأنه تماوت وهو حي، فالتماوت مراءاة ونفاق، مرة يرائي الله، فيبتغي عنده قبولاً ومدحاً، ومرة يرائي عبيده يبتغي جاهاً عندهم ومدحاً، فيتخشع وليس بخاشع.
ألا ترى إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما رآه يعبث في صلاته ذكر خشوع قلبه يعلمك أن الخاشع: ((إذا قام بين يدي الله لا يتفرغ للعبث في الصلاة)).
وأنه كما انتصب لله جسده في الظاهر، فقد انتصب قلبه في الباطن، وكما رمى ببصره في الظاهر حيث يقع من الخلقة، وكذلك رمى ببصر قلبه إلى المقام الذي رتب له إن كان من أهل المرتبة، وإلا ففي متعبده إن لم يكن من أهل المرتبة.
قال له قائل: وأين المراتب، وأين المتعبد؟
قال: الصديقون في مراتبهم من العرش على أصنافهم: عسكر دون العرش، وعسكر على العرش، وعسكر في الملكوت، والخاصة في ملك الملك بين يديه، فأبصار قلوبهم هناك، وأبصار وجوههم في مواقع الخلقة.
قيل له: وما موقع الخلقة؟.

الصفحة 505