كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)

قال: إن العبد إذا قام على الخلقة، ثم رمى ببصره على الخلقة، فإنما يقع من الأرض بمكان لو خر ساجداً، لوقعت جبهته على تلك البقعة، ولم يقصر عنها، وإذا ركع، فرمى ببصره على الخلقة، فإنما يقع على موضع القدمين، وإذا سجد، فرمى ببصره، فإنما يقع على موضع الصدر، وإذا قعد للتشهد، فإنما يقع على رأس ركبتيه وطرف فخذيه، فهذا كله رميٌ بالبصر حيث وقع ليس فيه تكلف ولا استعمال للبصر، وإنما الاستعمال في وقت النظر، فهذا رميٌ خرج من سلطان البصر وليس بناظر، والقلب رامي ببصره حيث وصفنا من العلى في مراتبهم مراتب الأولياء والصديقين، ومن لم يكن من أهل المراتب، ففي متعبده.
والمتعبد: هو بيت العزة حيث استقر القرآن في وقت نزوله جملةً في شهر رمضان في السماء الدنيا، فذاك محل التعبد، فمنها قبلوا القرآن بما فيه من العبودة، علم العباد هذه الصفة، أو لم يعلموا، فإنهم داخلون في هذا الباب، كما تجد المسلمين كلهم قد دخلوا في الميثاق يوم استخرجهم من الأصلاب، علموا أو لم يعلموا، فإنما يجزون وتجزى أرواحهم وعقولهم بتلك الأشياء التي مرت وسبقت.
فوجدنا الصلاة ثلاث مراتب عليها رتب أهل الصلاة، وقد ذكرهم الله في تنزيله تعالى، فمحافظون، ومداومون، وخاشعون، فقال: {والذين هم على صلاتهم يحافظون}، {الذين هم على صلاتهم دائمون}،

الصفحة 506