كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)
يديه عليه من الألوان ما لا يوصف، فلما أهوى ليأخذه، طار إلى كوة المحراب، وهو سبب البلاء، فوضع الزبور، وقام إليه ليأخذه، فطار من الكوة، فأخرج داود رأسه من الكوة، فوقع بصره على امرأة تغتسل على رأس بركة في بستانها تحت محراب داود عليه السلام، فرأت ظله، وأنه قد اطلع عليها إنسان، فقالت بشعرها، فجللت جميع جسدها بشعرها، فرجع من الكوة بجسده، وبقي القلب هناك عند البركة، فما يصنع العبد بلا قلب؟ وإنما القلب ملك، فسبي الملك، وانهزم الجند، وهم الجوارح؛ لأن الهوى هزمهم، فخرج من المحراب، وقصد لبيت المرأة لينقلها إلى نسائه؛ ليكون لنفسه في ذلك شفاء مما حدث، حتى يقدم زوجها، أو ينتظر ما يكون.
فروي في الخبر: أنه وقف على مدرجته ملكان يقول أحدهما لصاحبه: لقد أكرم الله عز وجل عن مثل هذا الشيء إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فلم ينتفع بما سمع، حتى صار من أمره، إلى أن كتب إلى صاحب البعث: أن يقدم زوجها إلى التابوت، وكان من قدم لذلك لا يرجع حتى تفتح المدينة، أو يقتل، فقدم زوجها في نفر إلى التابوت، فقاتلوا حتى قتلوا، فاعتدت المرأة، فخطبها، وتزوجها، واشتغل عنها بالتوبة.