كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)
وأقبل على العبادة معتذراً فيها نادماً، متداركاً لما سلف منه، حتى شغل عن النظر في أمور بني إسرائيل، وجعل يأكل قويهم ضعيفهم، فلا يجد الضعيف غياثاً، يقيم الشهر ونحوه ببابه، فلا يصل إليه؛ لشغله بما أحدث من الأمر، حتى طمع فيه سفهاء بني إسرائيل، وائتمروا في خلعه، وكان قبل ذلك لا يرام؛ لقوله تعالى: {وشددنا ملكه}.
فانطلقوا إلى ابن له أكبرهم سناً، وأعزهم عليه، وهو بكره، فخدعوه، ومنوه الملك، فقالوا: أنت أكبر ولد أبيك، وقد كبر أبوك، وشغل، وعجز عن السياسة، وضاعت حقوق الناس، وأحكامهم، وأنت أحق من يدارك ذلك، ولا نراه يكره ذلك، ولا يباليه، فإن هو عاتبك من ذلك، أخبرته: أنك إنما فعلت ذلك نظراً له، وشفقة عليه، حيث خشيت الإثم، وضياع الناس، وخشيت على ملكه الأعداء، فلم يزالوا يخدعونه حتى بايعهم، وإنما فعل ذلك السفهاء منهم؛ رجاء أن يملك، فيملكهم.
فلم يشعر داود عليه السلام حتى خلع، وأصبح ابنه يبايع الناس، ويدعو إلى نفسه، فلما بلغ ذلك داود عليه السلام، عرف أنه عقوبة لذنبه، فخاف الفتنة، والبلاء،