كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)
فبذلك الصدى: يتلون الصوت، فيصير ألواناً، وكل شيء صار للآدمي ألواناً، فقد تلذذ به؛ لأن بين اللونين سراً من أمر الله، وتدبيراً من تدبيره، ولطفاً من لطفه لا يدركه إلا لحظات أهل اليقين، ففصل بين اللونين، حتى إذا سمعت الأول، ورد الثاني، ثم عاد الأول، فورد على السمع طرياً، ثم عاد الثاني، فورد طرياً، فبتلك الطراوة على السماع، وجود اللذة، ألا ترى: أنه إذا أدام اللون، سمج، وفقدت لذته؟
وكذلك تجد هذا في الألوان التي تدركها الأبصار، إنما تجد اللذة بالانتساخ، فإذا انتسخت الألوان بعضها على بعض، عمل البصر فيها ما ذكرنا من الطراوة، وعملت الألوان عليها، ولذت العين.
فالمدبر الحكيم اللطيف له في خلقه عجائب، جعل بين كل شيئين برزخاً من أمره، كما جعل بين البحرين حاجزاً، وبين الليل والنهار، وبين النور والظلمة، وبين الكفر والإيمان، وبين الدنيا والآخرة.
والمزمار: على قالب: مفعال، وهو الموضع الذي يزمر به.
فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذه الأصوات الزائدة على أصوات العامة إنما هو من التراكيب الزائدة في الحنجرة، وأن ذلك عن عطاء ربنا وفضله
الصفحة 7
512