كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)

وأما الأول: وهو يوسف -صلوات [الله] عليه-، فقال حين شخص له البلاء: {معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي}، اعتصم بالله، وأخذه العدة من التعوذ به، وذكر إحسان من ملكه، وأن هذا كفران النعمة أن أخونه في أهله.
والثاني: وهو داود عليه السلام حين شخص له البلاء، اعتصم بالحيل للنفس، فنقل تلك المرأة إلى نسائه؛ لتطمئن النفس به.
والثالث: وهو محمد صلى الله عليه وسلم فزع إلى الله فرداً حين شخص له البلاء، واعتصم بفرديته.
ألا ترى أنه قال: سبحان؟ فذكر نزاهة الفردية، ثم انظر بأي شيء وصفه، وبأي شيء نطق، فقال: مقلب القلوب؛ فإن التقليب إنما خرج من مشيئته، ولأن القلوب لم يكلها إلى أحد، وهو الذي يقلبها كيف شاء، فهذه أظهر كلمة، وأبرأها من الأسباب ذكر نزاهته، ثم ذكر مشيئته، فتعلق بها، وتضرع إليه أن لا يقلبها إلى ما لا يليق بها، ولا يحسن عنده، فكان عقبى تعلق يوسف عليه السلام أن ترك حتى هم بها، وكاد الأمر أن يكون،

الصفحة 90