كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)

ثم تداركه الرحمن برحمته حتى نال بها الاستخلاص.
ألا ترى أنه قال: {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء}؟ ثم قال: {إنه من عبادنا المخلصين}، فنسب فعل الإخلاص إلى نفسه، لا إلى يوسف، ولم يقل مخلِصين، وإنما قال: مخلَصين، وصرف عنه بالبرهان، وهو جبريل عليه السلام في صورة يعقوب عليه السلام، وهو سبب من الأسباب.
وكان عقبى تعلق داود عليه السلام: أن تركه حتى هم بما هم من شأن أوريا، حتى مضى الأمر إلى آخره، ثم نبهه بالملكين، وملأ الشرق والغرب بكاء وعويلاً وصراخاً، حتى عجبت الملائكة وخليقة الأرض من الطيور والوحوش والدواب جزعاً على مأثمه للمصيبة التي حلت به، والحرقات التي هاجت منه، وصارت إنابته وتوبته حديثاً للعالمين يكون مدد التوابين أيام الدنيا.
وكان عقبى تعلق محمد صلى الله عليه وسلم أنه ولي خلاصه من ذلك بنفسه فرداً، كما فزع إليه فرداً، فمنع زيداً من إتيانها، وأخذ بقلبه عنها، حتى عجز عنها، فطلقها، وهذه من الربوبية خرجت له، ثم ولي تزويجها منه فرداً، وأنبأه من

الصفحة 91