كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)

وأي آية أعظم من رجل أعطى قلبه خلعة، فإذا جاء يوم القيامة غشي بها، ووقي حتى يجوز النار كلها وهي خادمة من سلطان تلك الخلعة، فمثل القلب مع قلة اليقين، وكثرة صور الطاعات مثل ملك له عبيد، لهم هيئة، وشارة ومراكب، وزي الأغنياء، والملك فقير معدم، ليست له مادة، ولا كنز، إنما ملكه على ما ظهر منه، فالعاقل إذا نظر إليه، يقول في نفسه: ليس لهذا الأمير نظام، ولا له دوام، فإنه معدم، وهذه الهيئات التي أراها لا تدوم، وسيحتاج إلى مثلها، وليس له مدد، وإن برز له مناوئ، فإنما زوال ملكه، وضياع هؤلاء العبيد، وتغيير أحوالهم، بأدنى مناوشة من هذا المناوئ العارض له.
وإذا كان الملك ذا كنوز ومادة، والعبيد في هيئة بزةٍ، لم يجسر على مناوءته ولم يعزه ذلك من فعله يقول في نفسه: له بيوت أموال من الكنوز، ففي ساعة واحدة يصيرهم فرساناً يجمع آلة الفرسان، ويكسوهم من الكسوة، ويعطيهم من العدة ما يعرفهم بغناه، فكذلك الذي قلبه بين يدي الله في غناه وسلطانه، قد احتظى منه الحظ الأوفى من جلاله، وعظمته، وكبريائه، ومجده، فهو بتلك الأنوار مشرق صدره بها.
فإن رأى أركانه معطلة من أعمال البر، لم يضره ذلك؛ لأن الملك

الصفحة 97