كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 5)
غني، قوي الأركان لم يضره، فإنه لا يترك فرضاً، إنما يترك فضلاً، وأي شيء يستبين من فضائل الأركان في جنب ما تفضل الله به عليه، ومن به من معرفته التي برز بها على خلقه، فلو زالت الجبال، لم تزل، قد عرف الله معرفة، قد وثق به في جميع أحواله، وفوضها إليه، ناظراً إلى تدبيره، ومراقباً له، قابلاً أحكامه، قنعاً بالذي يؤتى من الدنيا، مؤتمراً بأمره، مطمئناً له، ليست له همة، ولا نهمة، ولا قرار، إلا الخلاص من هذا السجن الذي أخذ بنفسه، قد ضاقت عليه الدنيا، وصارت له سجناً بطول احتباسه؛ لأنه ظمآن إلى لقاء الصفاء، وأي شيء ألذ من لقاء العبد سيده الذي كان أمله من الدنيا والآخرة؟
وإنما فقدت هذه اللذة العبيد الإباق الذين جهلوا سيدهم، ومتى سمعت بعبد شهوته في الإباق، ومنيته الإباق من سيده أنه يحب لقاء سيده؟ وهل شيء أثقل عليه من لقاء سيده؟ وإنما أبقوا من مولاهم، لأنهم تعجلوا حرية النفس، وتقلبهم في دنياهم وشهواتهم، استبطؤوا الحرية، فتعجلوها، فهربوا من العبودة، ولو وجدوا لذة العبودة، لم يهربوا، وإنما