كتاب جمع الجوامع المعروف بـ «الجامع الكبير» (اسم الجزء: 5)
والاقْتصادُ في الْمعِيشَةِ نِصْفُ الْعيْشِ يُبْقى نِصْفَ النَّفَقَةِ، وركْعتَانِ مِنْ رجُلٍ وَرِعٍ أفْضَلُ مِنْ أَلْف رَكْعَة مِنْ مُخْلِط، وما تَمَّ دِينُ إِنْسانٍ قَطُّ حَتَّى يتِمَّ عقْلُهُ، والدُّعاءُ يرُدُّ الأَمْر، وصدقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَب الرَّبِّ، وصدقَةُ الْعلَانيه تَقى ميتَةَ السُّوءِ, وصنَائعُ الْمعْرُوفِ إِلَى الناس تَقى صاحبها مصارع السُّوءِ، الآفَاتِ والْهَلَكَاتِ، والْعُرفُ ينْقطعُ فيما بيْنَ النَّاس ولا ينْقَطعُ فيما بيْنَ اللَّه، وبيْنَ مَنْ افْتَعَلَهُ".
الشيرازى في الألقاب: عن أنس (¬1).
¬__________
(¬1) الحديث في (المقاصد الحسنة) للسخاوى ص 222 رقم 508 بلفظ: "رأس العقل بعد الإيمان باللَّه التودد إلى الناس" وعزاه إلى البيهقى في (الشعب) والعسكرى والقضاعى: من حديث على بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن أَبى هريرة رفعه بهذا، فالعسكرى من جهة (كرم بن أرطبان) والقضاعى من جهة (عبيد بن عمرو السعدى) والبيهقى من جهة (سفيان): ثلاثتهم عن (ابن جدعان)، وهو عند البيهقى من حديث (أشعث بن براز) حدثنا على بن زيد مرسلا، بحذف أَبى هريرة، وزاد فيه: وما يستغنى رجل عن مشورة وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وإن أهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة، وقال البيهقى: إنه المحفوظ. قلت: وهكذا هو عند العسكرى من حديث أحمد بن عبيد اللَّه الفدائى عن هيثم، عن ابن جدعان مرسلا بحذف أَبى هريرة وبزيادة: وأهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة، ولن يهلك الرجل بعد مشورة. وقال العدانى: إن هشيما حدث به الرشيد فأمر له بعشرة آلاف درهم: ومن حديث محمد بن يزيد المقسمى عن هشيم به كذلك بلفظ: "مداراة الناس" بدل التودد "ولن يهلك إلخ".
ومن حديث عبد الرزاق، عن (حرام بن عثمان) عن (ابن جابر ابن عبد اللَّه)، عن أبيه رفعه: مثل الذى قبله، وزاد: "وما سعد أحد برأيه، ولا شقى عن مثورة، وإذا أراد اللَّه بعبد خيرا فقهه في دينه، وبصره عيوبه".
وبعضه عند القضاعى من حديث سليمان بن عمرو، عن أَبى حازم، عن سهل بن سعد: مرفوعًا "ما شقى عبد قط بمشورة، ولا سعد باستغناء برأى، يقول اللَّه تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِى الْأَمْرِ} {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} وكذا أخرج جملة (مداراة الناس صدقة) الطبرانى وأَبو نعيم في الحلية، وابن السنى في عمل اليوم والليلة، والعسكرى، والقضاعى من حديث محمد بن المنكدر عن جابر وصححه ابن حبان ثم قال: المدارة التى تكون صدقة للمدارى: هى تخلق الإنسان بالأشياء المستحسنة، مع من يدفع إلى عشرته ما لم يشنها بمعصية اللَّه، والمداهنة في استعمال المرء الخصال التى تستحسن منه في العشرة، وقد يشوبها بما يكره اللَّه.
وقد أخرج البيهقى في (الشعب) من حديث (النضر بن شميل) من قوله: "ما سعد أحد باستغناء برأى، ولا هلك امرؤ دعا بمشورة" وفى الباب عن أنس وجابر وابن عباس وعلى، ويتأكد بعضها ببعض وروى الخطابى في أواخر العزلة من جهة حزم القطعى، سمعت الحسن يقول: يقولون: المداراة نصف العقل، وأنا أقول: هى العقل كله، وقد أفرد ابن أَبى الدنيا المدارة بالتأليف. =