كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 5)

والاستدلالُ بالرواية التي فيها: "فيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ" أقوى من الاستدلال بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- "وتستحقون دم قاتلكم"؛ لأن قولنا: يدفع برُمَّته مستعملٌ في دفع القاتل للأولياء للقتل، ولو أن الواجبَ الديةُ، لبعُدَ استعمالُ هذا اللفظ فيها، وهو في استعماله في تسليمِ القاتل أظهرُ.
والرُّمَّةُ: -بضم الراء-: قطعة من الحبل بالِيَةٌ، والجمعُ: رُمَمٌ، ورِمَامٌ.
قال الجوهري: وأصلُه: أن رجلًا دفع إلى رجل بعيرًا بحبلٍ في عنقه، فقيل ذلك لكلِّ مَنْ دفع شيئًا بجملته، وأما الرِّمَّةُ -بالكسر-، فهي العظام البالية، والجمع (¬1): رِمَمٌ، ورِمَامٌ (¬2)، واللَّه أعلم.
والاستدلال بقوله -عليه الصلاة والسلام-: "وتستحقون دمَ صاحبِكم" أظهرُ (¬3) من الاستدلال بقوله: "فتستحقون قاتلَكم، أو صاحبَكم"؛ لأن هذا اللفظ الأخيرَ لا بدَّ فيه من إضمار، فيحتمل أن يضمر: ديةَ صاحبَكم احتمالًا ظاهرًا، وأما بعدَ التصريح بالدمِ، فلا، وربما أشار بعض المخالفين لهذا المذهب أن يكون "دمَ صاحبِكم": هو القتيل، لا القاتل، ويرده قوله -عليه الصلاة والسلام-: "دمَ صاحبِكم، أو قاتلِكم" (¬4).
¬__________
(¬1) في "ت": "وبالجمع".
(¬2) انظر: "الصحاح" للجوهري (5/ 1937)، (مادة: رمم).
(¬3) في "ت": "أقوى".
(¬4) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 91).

الصفحة 145