كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 5)
وبيان ذلك: أن الفراشَ مقتضٍ لإلحاقه بزمعةَ، والشبهُ (¬1) البَيِّنُ يقتضي إلحاقَه بعُتبة، فأُعطي النسب بمقتضى الفراش، فاُلحق (¬2) بزمعة، وروعي أمرُ الشبه بأمرِ سودةَ بالاحتجابِ منه، هذا من حيث المنقول.
وأما من حيث المعقول: فإنه إذا تعارضت شائبتان (¬3) في محل واحد، فلا بد له من حكم؛ إذ لا تخلو واقعة عن حكم؛ بدليل سيرة (¬4) السلف -رضي اللَّه عنهم-؛ فإنهم لم يعفوا (¬5) عن حكم في واقعة بناءً على أنه لا حكمَ فيها، واعتبارُ إحدى الشائبتين (¬6) دون الأخرى تَحَكُّم، وإعمالُهما معًا مطلقًا في جميع الأحوال متناقضٌ، فلا مخلصَ إلا ما ذكرناه.
وهذا النوع (¬7) من التصرُّف يكثُر وجوده في مذهب مالك رحمه اللَّه، فكثيرًا ما يحكم في حالتي المسألة الواحدة بحكمين متناقضين؛ لتعارض الشوائبِ فيها، فرتب على كل شائبة مقتضاها؛ ككونه جعلَ الوضوءَ كالعبادة (¬8) الواحدة، فأفسدَها بالتفريق المتفاحِش (¬9) عَمْدًا (¬10)،
¬__________
(¬1) في "ت": "التشبه".
(¬2) في "ت": "وألحق".
(¬3) في "ت": "تباينان".
(¬4) في "ت": "ميَّزه".
(¬5) في "ت": "يغفلوا".
(¬6) في "ت": "التباينين".
(¬7) في "ت": "نوع".
(¬8) في "ت": "الوصف بالعبادة" مكان "الوضوء كالعبادة".
(¬9) في "ت": "الفاحش".
(¬10) "عمدًا" ليس في "ت".