كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 5)
وجعلَه كعبادات، فلم يفسده (¬1) بالتفريق سهوًا، وإن طال؛ ومثلُ (¬2) ذلك: جعلُه المسبوقَ بانيًا في (¬3) الأفعال؛ إذ لا تأثير للإمامة فيها، قاضيًا في الأقوالِ؛ لتأثير الإمامة فيها، ومن ذلك جعلُه، الأكلَ سهوًا في الصوم يوجب القضاءَ إن (¬4) كان واجبًا، ولا يوجبه (¬5) إن كان تطوُّعًا، وجعلُه -أيضًا- كالعمد في وجوب قضاء الصوم المقدور (¬6)، وكالمريض في أنه لا يقطع التتابع، ومن ذلك جعلُه المديانَ فقيرًا، فلم يوجب عليه زكاةَ النقدين، وغنيًا، فأوجبَ عليه زكاةَ الماشيةِ والحرثِ، ونظائرُ ذلك كثيرة في مذهبنا، فيعتقد الغمرُ الجاهلُ (¬7)، أو العالمُ الذي لم يبلغ مبلغَ الاستقلال بالنظر في الشرع، ولم يُحط بمقصود (¬8) صاحب الشريعة: أن ذلك تناقض، وأن مذهبَ مالك لا يجري على قياس، وليس كما قال: ولكن كما قيل:
وَكَمْ مِنْ عَائِبٍ قَوْلًا صَحِيحًا ... وَآفَتُهُ مِنَ الفَهْمِ السَّقِيمِ
¬__________
(¬1) في "ت": "هذه" مكان "يفسده".
(¬2) في "ت": "مثال".
(¬3) في "ت": "بما ينافي" مكان "بانيًا في".
(¬4) في "ت": "إذا".
(¬5) في "ت": "يوجب".
(¬6) في "ت": "المندور".
(¬7) في "ت": "الجاهل الغر".
(¬8) في "خ": "بسرِّ".