كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 5)

وقد اختلف الناس في عِدَّة الحامل المتوفَّى عنها زوجُها.
والمشهورُ عندنا، وعند الجمهور: انقضاءُ عدتها بوضع الحملِ، وإن وضعت قبلَ أربعةِ أشهرٍ وعشرٍ، بل بلحظةٍ بعدَ موته وقبلَ غسلِه (¬1)؛ لقوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] فعمَّ تعالى، فلم يفرق بين عدةِ وفاةٍ ولا طلاقٍ.
وقال عليٌّ، وابنُ عباس -رضي اللَّه عنهما-، وهو قول سحنون: عليها أَقْصَى الأَجَلين؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} [البقرة: 234] الآيةَ، فإذا انقضت، فلا بدَّ من طلب الوضع لأجل الآية الأخرى، وأنه لا يصح نكاحُ الحامل، فأخذ بموجب الآيتين جميعًا.
وقال ابن مسعود (¬2): آيةُ النساء القُصرى (¬3) نزلت (¬4) آخِرًا بعدَ سورة الطلاق، وفيها البراءةُ بوضع (¬5) الحمل، فأشار (¬6) إلى أنها تقضي (¬7) على آية البقرة، وهذا ترجيحٌ للمذهب المشهور. (¬8) (¬9)
¬__________
(¬1) في "ت": "وقبل غفله".
(¬2) "وقال ابن مسعود" ليس في "ت".
(¬3) في "ت": "لصغرى".
(¬4) "نزلت" ليس في "ز".
(¬5) في "خ": "موضع".
(¬6) في "خ" و"ز": "وأشار".
(¬7) في "ت": "تقتضي".
(¬8) في "ت": "المشروع".
(¬9) انظر: "المعلم" للمازري (2/ 206)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 63).

الصفحة 8