كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 5)

وقد اختلف الناس في التكفير وسببه، حتى صنف فيه (¬1) مفردًا، والذي يقع فيه النظر في هذا: أن مآل (¬2) المذهب هل هو مذهب، أم لا؟ فمن أكفرَ المبتدعةَ، قال: إن مآل (¬3) المذهب مذهب.
فنقول المُجَسِّمَةُ كفار؛ لأنهم عبدوا جِسمًا، وهو غيرُ اللَّه عز وجل، فهم عابدون لغير اللَّه عز وجل، ومن عبدَ غيرَ اللَّه، كفرَ.
ونقول: المعتزلة كفارٌ؛ لأنهم -وإن اعترفوا بأحكام الصفات-، فقد أنكروا الصفات، ويلزم من إنكار الصفات إنكارُ أحكامِها، ومن أنكرَ أحكامَها، فهو كافر، وكذلك المعتزلةُ تنسب الكفرَ إلى غيرها بطريق المآل (¬4).
والحقُّ: أنه لا يكفر أحدٌ من أهل القبلة إلا بإنكارِ متواترٍ من الشريعة عن صاحبها؛ فإنه حينئذ يكون (¬5) مكذِّبًا للشرع، وليس مخالفةُ القواطع مأخذًا للتكفير، وإنما مأخذهُ مخالفةُ [القواعد] السمعيةِ القطعيةِ طريقًا (¬6) ودلالةً، وعبَّر بعضُ أصحاب الأصول عن
¬__________
= {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (25)} [السجدة: 25].
(¬1) في "ت": "عنف" مكان "صنف فيه".
(¬2) في "ت": "يسأل" مكان "مآل".
(¬3) في "ت": "سأل".
(¬4) في "ت": "المثال".
(¬5) في "ت": "يكون حينئذ".
(¬6) في "خ": "طريقة".

الصفحة 86