كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 5)

للثاني؛ فإن زرع سنة إذا حصد فتمضي ستة أشهر ويبتدئ الزرع الآخر لا محالة فلا يقع بين الحصاد والزراعة إذا لم تتعطل السنة سنة كاملة.
وعن المسعودي: أنه نقل في "الإيضاح": القول الخامس على وجه أخص مما ذكرناه فقال: الاعتبار بجمع السنة أحد الطرفين إما الزرعين وإما الحصادين ولم يلحق بهما زرع الثاني وحصد الأول.
وإذا جمعت هذا إلى ما تقدم كان عند المراوزة في ذلك ستة أقوال، وإن ضممت ذلك إلى ما حكاه العراقيون اجتمع عشرة أقوال.
قال الإمام: والصورة التي تجتمع فيها الأقوال: أن يزرع ويحصد، ثم يزرع زرعاً آخر، أما إذا كان زرع الثاني بعد اشتداد الأول فالخلاف فيه مترتب على الخلاف فيما إذا كان زرع الثاني بعد حصد الأول، وهاهنا أولى بالضم؛ لاجتماعهما في النبات في الأرض والحصول فيها، ولو كان الزرعان معاً، أو على التواصل المعتاد كما ذكرنا. ثم أدرك أحدهما والثاني بعد بقل لم يشتد حبه أصلاً- ففيه طريقان:
أصحهما في "النهاية" وغيرها، وبه قال ابن سريج القطع بالضم؛ لأن ذلك يعد زرعاً واحداً.
والثاني: أنه على الأقوال؛ لاختلافهما في وقت الوجوب، بخلاف ما لو تأخر بدو الصلاح في بعض الثمار؛ فإنه يضم إلى ما بدا فيه الصلاح؛ لأن الثمرة الحاصلة هي متعلق الزكاة. وبهذا قال أبو إسحاق، وابن أبي هريرة كما قال القاضي الحسين بعينها، والمنتظر فيها صفة الثمر، وهاهنا متعلق الوجوب: الحب ولم يخلق بعد والموجود حشيش.
فرع: قال الشافعي: الذرة تزرع مرة فتخرج فتحصد ثم تستخلف في بعض المواضع فتحصد أخرى؛ فهو زرع واحد، وإن تأخرت حصدته الأخرى.
وقال الأصحاب: قد أجرى الله- تعالى- عادته بأن الذرة إذا حصدت طلعت، فإن كانت [حين] حصدت استخلف القضب وحمل ثانياً ففي الضم وجهان:

الصفحة 378