كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 5)

وقال الإمام: لو قيل: تسليطه على التصرف في حق المساكين يلزمه الضمان وإن تلف وكأنه قبض حقهم والتزم في ذمته التمر [التزام] قرار- فهو احتمال معنوي، ولكن الذي قطع به الأصحاب: سقوط الضمان بالجائحة، وحينئذ يكون المستفاد بالخرص تسليط الساعي على التضمين، وبالتضمين تسليط رب المال على التصرف فيجميع الثمرة بالأكل وغيره إذ لا يجوز قبله بلا خلاف عند العراقيين ولو فعله مع العلم بالتحريم [غرمه] الساعي كما صرح به ابن الصباغ وغيره، ويستفيد بالتصرف استقرار الضمان، كذا أشار إليه أبو حامد، والماوردي وقال: إن المال لو كان لمحجور عليه لصباً أو جنون أو سفه فالعبرة بضمان وليه دونه.
وحكى المراوزة، في أن نفس الخرص هل يكون عبرة مجردة أو تضميناً، قولين:
أحدهما: أنه عبرة، أي: يفيد الاطلاع على المقدار ظناً وحسباناً، ولا يعتبر حكماً، بل الحكم بعده كالحكم قبله؛ لأنه ظن وتخمين.
ولا فرق على هذا بين أن يصرح الخارص بعده بالتضمين صريحاً والضمان من صاحب الثمار قولاً، أولاً.
وعن بعض الأصحاب: أنه إذا جرى ذكر الضمان صريحاً بأن قال الخارص: ألزمتك حصة المساكين تمراً جافاً كان الخرص يتضمن التضمين ويكون الحكم كما سنذكره تفريعاً على قول التضمين، وإن فقد التصريح بالتضمين فهو عبرة لا غير.
والقول الثاني: أن الخرص تضمين؛ لأنه معيار شرعي فأشبه ما لو كال عليه بالمكيال [وكلام هذا القائل مصرح بعدم اعتبار قبول رب المال في التضمين.
ومن العجب أن الإمام حكى القول كما ذكرناه ثم قال: والذي أراه أنه يكفي تضمين الخارص ولا يشترط قبول المخروص عليه فجعل ذلك احتمالاً له على هذا الوجه]؛ لأنه معيار شرعي فأشبه ما لو كال عليه بالمكيال، والدليل على أنه معيار شرعي جواز بيع التمر بالرطب على رؤوس النخل خرصاً فيما دون

الصفحة 396