كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 5)
الصفقة يجريان في رهن ما يجوز وما لا يجوز، وإن قلنا: لا يجريان بل يصح فيما يصح قولاً واحداً- فحيث قلنا في مسألة البيع بالبطلان في نصيب الفقراء وفيما عداه قولان، قلنا ها هنا فيما عداه: يصح قولاً واحداً.
قال: وإن باع الثمرة قبل بدو الصلاح، أو باع الماشية قبل الحول فراراً من الزكاة كره ذلك؛ لأن الفرار من القربة مكروه، والشيخ في إطلاق لفظ "الكراهة" في هذه الحالة اتبع الشافعي وجمهور أصحابه، وزاد الماوردي في باب المبادلة بالماشية أنه مسيء بذلك.
وقد تفهم هذه اللفظة أنها كراهة تحريم كما اختاره في "المرشد" ولم يحك في "الوسيط" و"الوجيز" غيره اتباعاً للفوراني بأنه جزم بتأثيمه.
والذي حكاه الإمام عن الصيدلاني: أنه أطلق لفظ الكراهة، ثم قال: وفي بعض التصانيف: أنه يأثم بذلك، وفي التأثيم احتمال من جهة أنه تصرف يسوغ، ثم إن أثبتناه فموجب الإثم قصده لا محالة.
والذي قاله في "البحر" في باب المبادلة: أنه لا يكون عاصياً بذلك، وهو الموافق لما صرح به البندنيجي في باب كيف تؤخذ الزكاة، والماوردي في أثناء كلامه في موضع آخر- أن الكراهة كراهة تنزيه.
وقال البندنيجي: إن الإمام الشافعي قال في "الأم": ولو قطع الطلع فراراً من الصدقة كرهناه ولم يجزم بذلك.
قال: ولم يبطل البيع؛ لأنه باعه ولا حق لأحد فيه؛ لأن الحق إنما يجب في الثمرة ببدو الصلاح، وفي الماشية بحولان الحول؛ كما تقدم، ولم يوجد ذلك، وقد تقدم أنه لا تجب الزكاة عليه أيضاً في [باب] صدقة المواشي، والفرق بينه وبين المريض إذا طلق في أحد القولين، أما إذا باع ذلك لحاجة لحقته لا لأجل الفرار من الزكاة فلا كراهة، نص عليه.
وقال في "الأم": ولذلك أكره له قطع النخل إلا ما أكل أو أطعم أو تخفيفاً من النخل. ولم يخالفه أحد من أصحابه وهو أن مراده بالنخل: الإناث، أما الذكور فلا كراهة في قطع ثمرها مطلقاً؛ لأنه لا زكاة فيها.
الصفحة 411
512