كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 5)

لتعيره من يحرم عليه استعماله- فذلك معد لاستعمال محرم؛ فتجب فيه الزكاة قولاً واحداً، ووراء ذلك احتمال للإمام في منع الوجوب على قولنا: إن الحلي المباح لا زكاة فيه من حيث إنَّ معتمد من ينفي الزكاة عن الحلي: أنه مصروف عن جهة النماء، فإنه عرض من العروض، والنقد وإن لم يكن نامياً في نفسه فإنما ألحق بالناميات من جهة تهيئته للصرف، فإذا اتخذ منه حلي زال هذا المعنى؛ فسياق هذا يقتضي أن يقال: كل حلي لا يكسر على صاحبه لا زكاة فيه، وإن كان قد قصد استعماله على وجه محرم فإن التحريم يرجع إلى فعله في الحلي، [لا] إلى نفس الحلي.
والحلي فيما ذكرنا [محترم في الصنعة] غير مكسر على المالك، وعلى كاسره الضمان وإن فسدت القصود. نعم، إن قلنا بكسر أواني الذهب والفضة على ملاكها فتجب الزكاة فيها؛ لأن تلك الصنعة مستحقة الإزالة شرعاً؛ فالأواني في حكم الشرع متبرة، وكذلك لو اتخذ من التبر صور وآلات ملاهٍ.
قلت: ولا يجيء مثل هذا في الحلي إلا أن يكون محرم الاستعمال على الرجال والنساء؛ فإن في جواز اتخاذه قولين كما في الآنية صرح به الرافعي؛ حيث حكى: في وجوب ضمان صنعته على كاسره وجهين أما المحرم على أحدهما فلا يكسر بحال الإمكان الانتفاع به فلو كسر ضمنه كاسره وجهاً واحداً.
فإذن: يتلخص من هذا الاحتمال ألا تجب في الحلي المباح لأحد الفريقين، وتجب في المتخذ صوراً وآلات ملاهٍ وهل تجب في الأواني؟ فيه خلاف مبني على جواز الاتخاذ، فإن قلنا: يحرم، وجبت، وإلا فلا [تجب].
ثم قال الإمام: و [في] هذا الذي ذكرته إشكال أبديته، وليس [من] قاعدة المذهب، وجوابه: أن الزكاة تجب في النقد لعينه، لا لكونه مهيأ للنماء، بدليل وجوبها في النقار والسبائك، وعينه لا تنقلب باتخاذ الحلي، وهو في معنى النقار والسبائك، لكنه يتميز عنها بقصد الاستعمال، وحينئذ فلا يلحق بالعروض- وهو

الصفحة 439