كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 5)

مقارنة النية عقد المعاوضة بالقياس، والفرق بينه وبين التجارة ونية القنية، من وجهين:
أحدهما: أنه ليس القنية إلا الحبس والإمساك للانتفاع فإذا أمسك ونوى الاقتناء فقد قرن النية بصورة الاقتناء لا أنه جردها.
والثاني: أن الأصل في العروض الاقتناء فصح بمجرد النية، كما أن المسافر إذا نوى الإقامة بموضع من المواضع، فإنه يصير مقيماً بمجرد النية؛ [لأن الأصل فيه الإقامة، فهو يريد الرجوع إلى الأصل، والتجارة رجوع عن الأصل فلم تصح بمجرد النية، كما لا يصح الرجوع عن الإقامة بمجرد] نية السفر.
فرع: إذا نوى القنية ببعض عرض التجارة إن عينه كان للقنية دون باقي العرض، وإن أبهمه فهل يؤثر ذلك ويكون بعضه للقنية وبعضه للتجارة، أو لا تؤثر نيته للجهل ويكون جميعه للتجارة؟ فيه وجهان في "الحاوي".
ولو نوى قنية الثياب الديباج ليلبسها والسيوف ليقطع بها الطريق، فهل ينقطع الحول؟ فيه وجهان في "التتمة"، أصلهما – كما قال-: أن من عزم على معصية أو أصر عليها هل يأثم أم لا؟ ومحل ذلك [في] كتاب الشهادات.
وحيث حكمنا بانقطاع الحول يعود المال للقنية؛ فيستحب إخراج زكاته.
قال الشافعي فيما إذا نوى بعرض التجارة القنية: لم تكن عليه زكاة، وأحب لو فعل.
قال في "البحر": وإنما استحبه، لأن نيته أبطلت الحول بعد انعقاده.
قال- رحمه الله-: إذا اشترى عرضاً للتجارة بنصاب من الأثمان، بنى حوله على حول الثمن؛ لأن الذهب والفضة إنما خصا من بين سائر الجواهر بإيجاب الزكاة فيهما، لإرصادهما للنماء، [وطريق النماء] بالتقليب في التجارة؛ [فلم يجز أن يكون الموضوع لإيجاب الزكاة سبباً لإسقاطها، ولأن زكاة

الصفحة 445