كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 5)
بما دون النصاب في كل منهما: أنه يقوم بالدراهم، لأنها أصل وطريقها النص، والدنانير تبع وطريقها الاجتهاد. وحيث قلنا: يقوم بنقد البلد: فلو كان فيها نقدان رائجان، قوم بأكثرهما رواجاً، فإن تساويا في الرواج، نظر: فإن كان يبلغ بأحدهما نصاباً دون الآخر، قوم بما يبلغ به نصاباً، كذا قاله الجمهور، وقال في "التتمة": إنه ظاهر المذهب. وإن [من أصحابنا] من قال: يقوم بالنقد الذي لا يبلغ به نصاباً؛ لأن الزكاة إذا دار بين السقوط والوجوب فالسقوط مغلب، وأصله: ما إذا علف السائمة في بعض الحول أقل من المدة التي أسامها فيها؛ فإنه لا زكاة.
وفي "الحاوي" وجه ثالث: أن القيمة إن بلغت نصاباً إذا قوم بالفضة قوم بها، وإن لم تبلغ بها نصاباً، وتبلغ إذا قومت بالذهب فلا تقوم بالذهب، ولا تجب الزكاة إلا أن يفعل ذلك تطوعاً.
ونقل الإمام عن رواية صاحب "التقريب" وجهاً يقاربه: أن الاعتبار في التقويم بالدراهم إذا كان رأس المال دون النصاب من النقد؛ لأن الدنانير بالإضافة إلى الدراهم تكاد أن تكون عرضاً من جهة أن صرف كسور الدنانير إلى المستحقرات عسر، قال: وعلى هذا لو بلغ- إذا قوم بالدنانير- نصاباً، ولم يبلغه إذا قوم بالدراهم فلا زكاة، والمشهور الأول. نعم، إن بلغ بكل من النقدين- لو قوم به-[نصاباً فبماذا يقوم؟ فيه] أربعة أوجه:
أحدها: بالأنفع للمساكين، [وهو معتضد بأن الأظهر في اجتماع الحقاق وبنات اللبون رعاية الأغبط للمساكين]، وهو الذي يقتضي إيراد الإمام ترجيحه.
والثاني: تتعي الدراهم لأنها أنفع إذ تصلح لشراء المحقرات، ولأن وجوب الزكاة في الدراهم وجب بالتواتر- بخلاف الذهب- وهذا قول ابن أبي هريرة.
والثالث: يقوم بأغلب نقد أقرب البلاد إليه.
والرابع- وهو قول أبي إسحاق، وهو الذي صححه الشيخ أبو حامد، وتبعه في "الشامل" و"البحر"، وقال البندنيجي: إنه المذهب-: أن المالك يخير فيقومه بما
الصفحة 456
512