كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 5)
والثاني: تعين عليه إخراج عرض يقدر بربع عشر القيمة، وهو القول الثاني في القديم، ووجه ظاهر خبر سمرة بن جندب؛ فإن الذي يعد للبيع هو العرض، واستدل له المتولي بقول أبي بكر: "ولو منعوني عقالاً مما أدوه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم عليه"، ولا يتصور وجوب العقال في الزكاة إلا إذا كان يتجر في العقال فيجب عليه من جنس مال التجارة.
قلت: وفي قوله: ولا يتصور وجوب العقال إلا في التجارة- فيه نظر؛ لأن القاضي الحسين قال في أول الكتاب: إن العقال قد يستحق في الزكاة إذا وجب عليه بعير في زكاة الإبل وكان ذلك البعير مغتلماً شارداً، فعليه تسليمه إلى الساعين؛ ليسقط عنه الفرض، ولا يمكنه تسليمه إلا بشد قوائمه بالعقال، فعليه تسليمه مع العقال، ثم يسترد العقال، وهذه الطريقة تعزى إلى ابن أبي هريرة، قال في البحر: ولا تصح عنه.
والثانية: أن في المسألة قولين:
أحدهما: أنه تعين إخراج ربع العشر مما قوم به؛ كما نص عليه في الجديد.
والثاني: هو بالخيار بين ذلك وبين إخراج عرض بقدر ربع عشر القيمة.
وهذا ما اختاره ابن أبي هريرة وصاحب "الإفصاح"، وقالا: قول الشافعي: يخرج عرضاً، معناه: إن اختار ذلك.
قلت: وكلام الشافعي الذي ذكره بعد ذكر القولين يدل عليه، وهذه طريقة أبي إسحاق، وعليه ينطبق [ما قاله] بعض الأصحاب: إن هذه الزكاة تجب في العين أو في القيمة؟ فيه وجهان:
فإن قلنا بالثاني فأخرج من العين، أجزأه.
وإن قلنا بالأول فأخرج من القيمة، هل يجزئ؟ فيه قولان.
وإذا جمعت بينها وبين الطريقة السابقة جاءك في المسألة ثلاثة أقوال، وهي الطريقة الثالثة، وتعزى إلى ابن سريج.
وقال الإمام: إن صاحب "التقريب" جمعها من القديم والجديد، ولم يورد الماوردي غيرها:
الصفحة 458
512