كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 5)

قلت: ومثل هذا لا يجيء فيما ذكرناه؛ لأن المشترى به أولاً دون النصاب، وكذا الثاني، والثالث، فنحن إن قلن: يقوم بجنس ما اشترى به فهو جنس واحد، وإن قلنا: يقوم بنقد البلد فهو جنس واحد؛ فلذلك لم يقع اختلاف في الضم. نعم، لو كان المشترى في بلاد مختلفة النقود وبقي فيها إلى أن حال الحول، جاء التقسيم المذكور، فتأمل ذلك، والله أعلم.
ولو كان قد باع العرض في أثناء الحول بنقد لا تقوم به السلعة آخر، فإنه يقوم في آخر الحول: فإن بلغت قيمته نصاباً زكاه باعتبار القيمة، وهل يخرجها من المقوم به أو العين؟ فيه ما تقدم، وإن لم تبلغ قيمته نصاباً نظر [فيه]: فإن لم يكن في نفسه نصاباً فحكمه حكم العرض، وإن كان في نفسه نصاباً مثل: أن يكون قد باع العرض بعشرين ديناراً، وكان ما يقوم به من النقد هو الدراهم، ولم تبلغ قيمة الذهب في آخر الحول مائتي درهم- فإن قلنا فيما إذا كان مال التجارة في آخر الحول عرضاً: إنه ينتظر في إيجاب الزكاة فيه بلوغه نصاباً، فهكذا الحكم هنا فينتظره أيضاً، ولا نوجب فيه الزكاة وإن أقام سنين، وإن قلنا: لا تلزمه الزكاة حتى يحول حول آخر؟ فهاهنا هل يستأنف حول التجارة، أو حول العين؟ فيه وجهان: فإن قلنا بالثاني فمن أي وقت يستأنفه؟ فيه وجهان:
أحدهما: من حين وقت التقويم.
والثاني: من حين ملك ذاك؛ لأن النصاب حصل في ملكه من ذلك الوقت؛ كذا قاله الإمام والمتولي.
وحكى الماوردي قولاً عن رواية الربيع: أن بمجرد بيع العرض في أثناء الحول بنصاب من النقد الذي لا يقوم به، يستأنف الحول ولا يبنى؛ لأن الزكاة قد انتقلت من قيمة العرض إلى عين لا تعتبر في العرض، فلم يجز أن يبني حول أحدهما على الآخر، وقال: إنه الأقيس، وإنه ظاهر المذهب وبه قال جمهور أصحابنا: البناء وهو الأحوط، والله أعلم.
قلت: وما نقله الربيع مستمد من أنه إذا اشترى للتجارة ما تجب الزكاة في عينه أن الواجب زكاة العين دون زكاة التجارة، سواء اتفق وقت وجوبها أو

الصفحة 463