كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 5)

والخمسون باقية في ملكه- فإنا نوجب عليه زكاة التجارة؛ نظراً إلى تكملة نصابها بما بقي على ملكه من المائة وإن لم تكن للتجارة، فتأمل ذلك.
وقد ذكر الإمام عن الشيخ أبي علي أنه حكى ما ذكرناه فيما إذا كان في ملكه مائة عتيدة لا للتجارة، واستخرج من المعدن مائة مع تمام حول المائة العتيدة- ضم ثم قال: وما ذكره من إيجاب زكاة المستخرج من المعدن على وجهه، وأما إيجاب زكاة المائة العتيدة فسهو عظيم؛ فإن المائة لم ينعقد عليها حول حتى يفرض لها آخر، ولا شك أن المائة لا زكاة فيها في الصورة التي ذكرناها.
قلت: وما حكاه الشيخ أبو علي قد ذكره القاضي أبو الطيب والماوردي في أوائل باب صدقة الغنم عن بعض الأصحاب، وحكاه الرافعي عن رواية صاحب "الإفصاح"، ووجه بأن الدراهم التي وجدها ركازاً وجبت عليه زكاتها في الحال، فهي بمثابة المائة التي مكثت في يده حولاً، وإذا كانت بمثابتها وجبت فيهما الزكاة؛ لأنهما نصاب، وما ذكره الإمام قد حكوه أيضاً عن بعض الأصحاب، فانتظم في المسألة وجهان.
الحالة الثانية: أن يجد المائة في أثناء حول التجارة وقيمة العرض مائة، فقياس قول ابن الحداد- كما قال الإمام-: إيجاب حق المعدن في المائة التي وجدها، فإنا نكمل النصاب بالمائة في مالية التجارة، ونوجب حق المعدن دون زكاة التجارة.
[وقال الرافعي: إن بذلك أجاب ابن الحداد، واختاره أبو الطيب، وهو ظاهر نصه في "الأم"].
وفي المسألة وجه آخر حكاه الشيخ وذكره العراقيون: أنه لا يجب في النيل حقه أيضاً، وقد تقدم نظيره.
الحالة الثالثة: أن يجد المائة بعد تمام حول التجارة، وقيمة عرض التجارة حين حال الحول وبعده مائة، فهذا يبنى على أن عرض التجارة لو كانت قيمته آخر الحول دون النصاب، ثم بلغت قيمته بعد ذلك نصاباً- هل نجعل حالة بلوغه النصاب انتهاء حوله حتى نوجب فيه زكاة الركاز، أو نستأنف له الحول من

الصفحة 485