كتاب الإبانة الكبرى لابن بطة (اسم الجزء: 5)

يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ} [البقرة: 255] وَقَالَ: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: 166] وَقَالَ {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ} [هود: 14] وَقَالَ: {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ} [فاطر: 11] فَقَدْ دَلَّنَا كِتَابُ اللَّهِ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ، وَأَنَّهُ عِلْمٌ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ، فَكَلَامُ اللَّهِ مِنَ اللَّهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي} [السجدة: 13] فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا مَخْلُوقًا، فَقَدْ كَفَرَ. وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ، فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ كَانَ وَلَا عِلْمَ لَهُ. وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ، فَقَدْ جَعَلَ اللَّهَ تَعَالَى كَخَلْقِهِ الَّذِينَ خَلَقَهُمُ اللَّهُ جُهَّالًا لَا يَعْلَمُونَ ثُمَّ عَلَّمَهُمْ، لِأَنَّ مَنْ سَبَقَ كَوْنُهُ عَلِمَهُ، فَقَدْ كَانَ جَاهِلًا فِيمَا بَيْنَ حُدُوثِهِ إِلَى حُدُوثِ عِلْمِهِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا أَخْبَرَنَا بِهِ مِنْ جَهْلِ ابْنِ آدَمَ قَبْلَ تَعْلِيمِهِ: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [النحل: 78]

الصفحة 218