كتاب الإبانة الكبرى لابن بطة (اسم الجزء: 5)
60 - حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَجَاءٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شِهَابٍ،
61 - وَحَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ -[292]- شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَانِئٍ الطَّائِيُّ قَالَ: أَتَيْنَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، أَنَا وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ أَشْيَاءَ، فَذَكَرَ كَلَامًا، فقَالَ الْعَبَّاسُ: وَقَوْمٌ هَاهُنَا قَدْ حَدَّثُوا يَقُولُونَ: لَا نَقُولُ: مَخْلُوقٌ، وَلَا: غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَهَؤُلَاءِ أَضَرُّ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ عَلَى النَّاسِ، وَيْلَكُمْ، فَإِنْ لَمْ تَقُولُوا: لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، فَقُولُوا: هُوَ مَخْلُوقٌ، فقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَوْمُ سُوءٍ هَؤُلَاءِ، قَوْمُ سُوءٍ، فقَالَ الْعَبَّاسُ: مَا تَقُولُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟، فقَالَ: الَّذِي أَعْتَقِدُهُ وَأَذْهَبُ إِلَيْهِ، وَلَا أَشُكُّ -[293]- فِيهِ، أَنَّ §الْقُرْآنَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَمَنْ يَشُكُّ فِي هَذَا؟. ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُسْتَعْظِمًا لِلشَّكِّ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ فِي هَذَا شَكٌّ؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]، فَفَرَّقَ بَيْنَ الْخَلْقِ وَالْأَمْرِ. وَقَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ} [الرحمن: 2] فَجَعَلَ يُعِيدُهَا: عَلَّمَ، خَلَقَ، أَيْ: فَرَّقَ بَيْنَهُمَا " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَالْقُرْآنُ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ، أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ: {عَلَّمَ الْقُرْآنَ} [الرحمن: 2] وَالْقُرْآنُ فِيهِ أَسْمَاءُ اللَّهِ، أَيُّ شَيْءٍ يَقُولُونَ؟ لَا يَقُولُونَ: إِنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ؟ مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ فَقَدْ كَفَرَ، لَمْ يَزَلِ اللَّهُ قَدِيرًا، عَلِيمًا، حَكِيمًا، سَمِيعًا، بَصِيرًا، فَلَسْنَا نَشُكُّ أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ، وَلَسْنَا نَشُكُّ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَالْقُرْآنُ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ، وَفِيهِ أَسْمَاءُ اللَّهِ، لَا نَشُكُّ أَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ، وَلَمْ يَزَلِ اللَّهُ مُتَكَلِّمًا
الصفحة 291
372