كتاب الإبانة الكبرى لابن بطة (اسم الجزء: 5)
وَقَالَ «مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْإِبِلِ الْمُعْقَلَةِ، إِنْ تَعَاهَدَهَا صَاحِبُهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ تَرَكَهَا ذَهَبَتْ». وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُسَافِرُوا بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ، مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ». وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الواقعة: 77]. فَنَهَى أَنْ يَمَسَّ الْمُصْحَفَ إِلَّا طَاهِرٌ، لِأَنَّهُ كَلَامُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَكُلُّ ذَلِكَ يُسَمِّيهِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قُرْآنًا، وَيُسَمِّيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرْآنًا، وَلَا يَقُولُ: حِكَايَةُ الْقُرْآنِ، وَلَا حِكَايَةُ كِتَابِ اللَّهِ، وَلَا حِكَايَةُ كَلَامِ اللَّهِ. وقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ فَلَا تَخْلِطُوا بِهِ غَيْرَهُ. وقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَيْضًا: تَعَلَّمُوا كِتَابَ اللَّهِ وَاتْلُوهُ، فَإِنَّ لَكُمْ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ. فَهَذَا وَنَحْوُهُ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ، وَقَوْلِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَفُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ، مَا يَدُلُّ الْعُقَلَاءَ عَلَى كَذِبِ هَذِهِ الطَّائِفَةِ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ الَّذِينَ احْتَالُوا
الصفحة 320
372