كتاب الإبانة الكبرى لابن بطة (اسم الجزء: 5)

156 - حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ دَاوُدَ: " §نَحْنُ نَقْتَدِي بِمَنْ مَاتَ، أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِمَامُنَا، وَهُوَ مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ، يَقُولُ: مَا سَمِعْتُ عَالِمًا يَقُولُ: لَفْظِي بِالْقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَأَيُّ شَيْءٍ ذَهَبَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مِنْ أَمْرِ الْإِسْلَامِ؟ إِذَا قُلْنَا: مَنْ قَالَ: لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ، فَهُوَ جَهْمِيٌّ، وَقُلْنَا كَمَا قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ حَيْثُمَا تَصَرَّفَ، فَأَيُّ شَيْءٍ بَقِيَ؟ مَنْ قَالَ: لَفْظِي بِالْقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ؟ فَنَحْنُ نَهْجُرُهُ وَلَا نُكَلِّمُهُ، وَهَذِهِ بِدْعَةٌ، وَمَا غَضِبَ أَحَدٌ فِي هَذَا الْأَمْرِ وَهُوَ دُونَ غَضَبِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَغْضَبُ الْغَضَبَ الشَّدِيدَ، حَتَّى جَعَلُوا يُسَكِّتُونَهُ "
157 - حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ عَلِيَّ بْنَ مُسْلِمٍ يَقُولُ: " §الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، هَذَا قَوْلُ أَبِي عَبْدِ -[348]- اللَّهِ، فَبِهِ نَقْتَدِي إِذْ كُنَّا لَمْ نُدْرِكْ فِي عَصْرِهِ أَحَدًا تَقَدَّمَهُ فِي الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالدِّيَانَةِ، وَكَانَ مُقَدَّمًا عِنْدَ مَنْ أَدْرَكْنَا مِنْ عُلَمَائِنَا، فَمَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا بُلِيَ بِمِثْلِ مَا بُلِيَ بِهِ فَصَبَرَ، فَهُوَ قُدْوَةٌ وَحُجَّةٌ لِأَهْلِ هَذَا الْعَصْرِ، وَلِمَنْ يَجِيءُ بَعْدَهُمْ، فَنَحْنُ مُتَّبِعُونَ لِمَقَالَتِهِ، وَمُوَافِقُونَ لَهُ، فَمَنْ قَالَ: لَفْظِي بِالْقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَقَدْ أَبْدَعَ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ، وَهَذَا مِمَّا أَحْدَثَهُ أَصْحَابُ الْكَلَامِ الْمُبْتَدِعَةُ، وَقَدْ صَحَّ عِنْدَنَا أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَنْكَرَ عَلَى مَنْ قَالَ ذَلِكَ، وَغَضِبَ مِنْهُ الْغَضَبَ الشَّدِيدَ، وَقَالَ: مَا سَمِعْتُ عَالِمًا قَالَ هَذَا، فَمَنْ خَالَفَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فِيمَا نَهَى عَنْهُ، فَنَحْنُ غَيْرُ مُوَافِقِينَ لَهُ، مُنْكِرُونَ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَدْرَكْنَا مِنْ عُلَمَائِنَا مِثْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، وَهُشَيْمِ بْنِ بُشَيْرٍ، وَإِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، -[349]- وَعَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ، وَعَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَيَحْيَى بْنِ زَائِدَةَ، وَيُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ الْمَاجِشُونِ، وَوَكِيعٍ، وَيَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، وَأَبِي أُسَامَةَ، وَقَدْ -[350]- أَدْرَكُوا هَؤُلَاءِ كُلُّهُمُ التَّابِعِينَ، وَسَمِعُوا عَنْهُمْ، وَرَوَوْا عَنْهُمْ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ قَالَ: لَفْظِي بِالْقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَنَحْنُ لَهُمْ مُتَّبِعُونَ، وَلِمَا أُحْدِثَ بَعْدَهُمْ مُخَالِفُونَ "

الصفحة 347