كتاب موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام (اسم الجزء: 5)
جاهليتهم كانوا يقدسودن هذه الرابطة تقديسًا قَلَّ أن يبهون له نظير فى المجتمعات
الأ خرى، وأنت تعرف الماثور عنهم فى الغارات والثارات التى تتنادى بها القبائل،
مهما شط المزار وبعدت الدار، يقول قريط بن أنيف:
قوم إِذا الشر أبدى ناجذيه لهم طاروا إِليه زرافات ووحداناأ 1)
لا يسألون أخاهم صين يندبهم فى الناننات على ما قال برهانًا
كما لعرف نظام العاقلة عندهم وتحمل الدية واشتراك القرابة جميعًا فيها،
ولعظم شأنها كانوا يستدرودن بها العطف، ويَدْعون بها إِلى المناصرة، ويجعلون
فدسيتها فى مرتبهَ تخولَ لهم الحلف بها والمناشدة، يشير إِلى هذا قوله تعالى:
(وَاتَّقوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ! أ النساء: ا،،ْ فَسَّرها الحسن والنض
ومجاهد، أدن يقول الرجل، سألتك باللّه والرحم)) اهـ، وهذا لا يتنافى مع النهى عن
الحلف بغير اللّه كالاَباء، فإن هذا ليس حلفًا، بل هو توسل إِلى الغير بحق الرحم،
فلا نهى فيه، ومن جعله قَسَمًا فهو متكلف ((تفسمِر القرطبى))،
وامتدت صلة الرحم بين العرب حتى نناولت البطون والأ فخاذ والفصائل
والقبائل، فيعمل الحساب لكل ذى صلة على أى نحو كان، حتى كادن عبيدهم
ومواليهم ومن جاورهم أو احتمى بهم تظله راية القرابة فى حرمتها وقداستها.
وكانتَ الحاجة عندهم تشتد إِلى الأ قارب إِذا عدم الولد أو الوالد، فهم
يحلون محلها فى العطف والرعاية والنصرة، فينزل العم منزلة الوالد، وينزل الأخ
أيضًا منزلته فى العطف على أخيه وأخته، فهو الرافد بعد الوالد، كما قالت! صفَّانة
للنبى محَ! اي! عن أخيها عدى بن حاتم فى قصيدتها التى منها:
ما كان ضَرَّك لو مننت وربما مَنَّ الفتى وهو الْمَغِيطُ الْفحْنَق
وقيل إِدن الذى قال ذلك هو فئَيْلَة بنت النضر بن الحارث، على الصحيح
__________
(1) الزًرافة: بفتح الزا! ا هى الجماعة من الناس، والجمع زرافات بفتح الزاى أيفحًا، والزرافة
بضم الفاء وفتحها هى الدابة المعووفة، ووحدان بضم الواو جمع واحد الذى هو ول العدد على
مثال شافيا وشئبَّان وراع ورعيان.
2 1 1