كتاب موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام (اسم الجزء: 5)
لأ ن طاعتهما ستسبب له حياة تعيسة مليئة بالمنازعات، والإِسلام لا يرضى
الضرر، خصوصًا فى أمر يطول اُمده، قال ابن تميمية فى تعليل ذلك: ((وإذا لم
يكن لأ حد أن يلزمه بأكل ما ينفر طبعه عنه، مع قدرته على أكل ما تشتهيه
نفسه، كان النكاح بذلك أولى بم فإِن اكل المكروه ساعة، وعشرة المكروه من
الزوجين على طول يؤذى ضاحبه، ولا يمكن فراقه. (1)
هذا،! اذا كان ما أمر به الوالد 1 مرًا لم يتبين رشده، أو كان من المتشابه فهل
يطيعه؟
اختلف الرأى فى ذلك، وهذا الاختلاف مبنى على تعاطى المشتبه فيه،
فمال الكثيرون إِلى تعاطيه، وعليه تجب الطاعة فيه، كما قال النووى. (2)
ولعل مما يوضح ذلك ما روى انر النبى ىَ! قال لعبد اللّه بن عمرو بن
العاص: ((كيف بك إِذا بقيت فى حثالة الناس، قد مَرَتَجما عهودهم ومواثيقهم،
فكانوا هكذا؟ " وخالف بين أصابعه، قال: فما تأمرنى يا رسول اللّه؟ قال: ((تاخذ
ما تعرف، وتدع ما تنكر، وتعمل بخاصة نفسك، وتدع ألناس وعوام أمرهم "، ثم
أخذ بيده، وجعل يمشى به حتى وضع يده فى يد أبيه، وقال: ((أطع أباك ".
فلما كان يوم صفّين، قال له ابوه: يا عبد اللّه اخرج فقانل، فقال: يا أبتاه،
أتأمرنى أن أخرج فأقاتل، وقد سمعت من رسول اللّه كليط ما سسمعت، وعهد إِلىَّ؟
فال: أنشدك الله، ألم يكن آخر ما قال لك أن أخذ بيدك، فوصعها فى يدى،
وقال: ((اظع ائاك "؟ قال: اللهم بلى، قال؟ فإِنى أعزم عليك أن نخرح فتقاتل،
فخرج فقاتل متقلدًا بسيفين. (3)
غير أن مثل هذه المشتبهات ينبغى ألا يطاع فيها إِلا من كان له بصيرة
وعقل، ودلِن يتوجه به إِلى الخير. (4)
__________
(1) غذاء الاً لباب (1 1 334). (2) شرح صحيح مسلم (2/ 87).
(3) العفد الفريد (1 781 1).
(4) أسد الغابة، فى ترجمة عبد اللّه بن عمرو بنْ العاص.
38