كتاب موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام (اسم الجزء: 5)
الفصل الخامس
هل يتساوى الوالدان فى البر
يؤخذ من آيتى لقمان والأ حقاف أنه عندما أوصى اللّه بالإِحسان إِلى
الوالدي!، جاء التعليل لذلك بذكر ما تحملته الأم من مشاق الحمل والوضع
والبرضاع، وهذا يشير إِلى اُن حقهما فى البر فيه تفاوت، وأن الجزء الأكبر منه أ و
الأ صل فيه هو للأم، نظرا لتحملها هذه المتاعب، التى لم يشاركها الاث فيها،
وهى شديدة قاسية، ولا نها ضعيفة تستحق مزيدأ من العطف، والأب رجل قوى
يستطيع أن يمستغنى عن بر ولده به فى النفقة بوجه خاص، وهذا ما عبر عنه
الأ عرابى الذى كان يدعو لا مه فى الطواف، ولا يذكر أباه، ولما سئل عن ذلك،
قال: أمى ضعيفة، وأبى رجل يحتال لنقسه -. (1)
هذه المعاناة كانت مبررا للقضاء للام بالولد الذى خاصمها فيه أبوه، ففى
كتب ألا دب أن أبا الأ سود الدؤلى تخاصم مع زوجته أم عوف أمام زياد (2)، وكان
واليًا على البصرة، وكان هو معلم أولاده، تخاصم معها فى ولد لهما، فقالت أ م
عوف: إِنه يريد أن يغلبنى على ولدى، وقد كان بطنى له وعاء، وثديى له سقاء،
وحجرى له وطاء، فقال أبو ألا سود: بهذا تريدين أن تغلبينى على ولدى، وقد
حملْته قبل أن تحمليه، ووجمعته قبل أن تضعيه، وغذوته أكثر مما غذيتيه؟
فقالت: صدق، ولكنه حَمَله خفا، وحملته ثقلاً، ووضعه شمهوة، ووضعئه كرها،
وغذاه من ماله، وغذيته من دمى، فقضى لهَا نالولد، وقال: إِنى أرى امرأة عاقلة
فأخْلق أن تحسن أدبه (3)، وتقدم ذلك فى الجزء الرابع من هذه الموسوعة.
__________
(1) العقد الفريد (3 1 86).
(2) فى كتاب اعلام النساء ا! التحاكم كان اًمام معاوية، " ترجمة أم عوف زوجة اًبى
الأسود ".
(3) عيون الأخبار 1 4 1 32 1)، وحياة الحيوان الكبرى، مادة: دئل.
74