كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 5)

يحيى بن سعيد بن عمرو بن العاص بن أمية القرشي أبو أيوب المدني: فإن مسلمًا روى له.
فحينئذٍ يكون هذا الحديث صحيحًا ولا سيما على شرط الحاكم وقد قال صاحب "الهداية" في باب سجود السهو: لأن الركعة الواحدة لا تجزئه لنهيه - عليه السلام - عن البتيراء. وأراد به الحديث المذكور.
ص: وقد روي عن عائشة في ذكرها وتر النبي - عليه السلام - ما يدل على حقيقة ما ذكرنا: حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا شجاع بن الوليد، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان النبي - عليه السلام -لا يُسلِّم في ركعتي الوتر".
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمَّد بن المنهال، قال: ثنا يزيد بن زريع، عن سعيد ... فذكر بإسناده مثله.
فأخبَرت أن الوتر ثلاثٌ، لا يسلم بين شيء منهن.
ش: لما ذكر أن حقيقة معنى قوله - عليه السلام -: "أوتْرِ بواحدة" وقوله: "الوترُ ركعة واحدة" هو أن يكون بشفع قد تقدمها، وأن الوتر ثلاثٌ بتسليمة واحدة في آخره؛ ذكر حديث عائشة هذا شاهدًا لما ذكره؛ فإنها أخبرت في حديثها هذا أنه - عليه السلام - كان لا يُسلم في ركعتي الوتر، وهذا صريح على أنه كان يوتر بثلاث ركعات بقعدتين وتسليمة واحدة في آخره.
وأخرجه من طريقين صحيحين على شرط مسلم:
أحدهما: عن أبي بشر عبد الملك بن مروان الرّقي، عن شجاع بن الوليد بن قيس، عن سعيد بن أبي عروبة مهران البصري، عن قتادة بن دعامة السَّدُوسي، عن زُرارة بن أوفى أي الحاجب البصري، عن سعد بن هشام بن عامر الأنصاري ابن عم أنس بن مالك.
وهؤلاء كلهم روى لهم الجماعة ما خلا سَعْدًا، فإنه روى له تعليقا البخاري، وما خلا أبا بشر فإنه أيضًا ثقة.

الصفحة 25