كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 5)
تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأُنْزِلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ، فَبَدَأَ بِي أَوَّلَ امْرَأَةٍ، فَقَالَ: "إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْراً، وَلاَ عَلَيْكِ أَنْ لاَ تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ". قَالَتْ: قَدْ أَعْلَمُ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُوناَ يَأمُرَانِي بِفِرَاقِكَ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ اللهَ قَالَ: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} -إلى قوله- {عَظِيمًا} [الأحزاب: 28] ". قُلْتُ: أَفِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ؟ فَإِنِّي أُرِيدُ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ، فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ.
(إني كنتُ وجارٌ لي): -بالرفع- عطفاً على الضمير المرفوع المتصل بدون فاصل، وهو قليل.
قال الزركشي: ويجوزُ النصبُ؛ عطفاً على الضمير في قوله: "إني " (¬1).
قلت: لكن الشأن في الرواية، وأيضاً فالظاهر أن قوله: "في بني أميةَ ابنِ زيدٍ" خبر كان، وجملة كان ومعمولها خبر "إن"، فإذا جعلتَ جاراً معطوفاً على اسم "إنَّ"، لم يصح كونُ الجملة المذكورة خبراً لها إلا بتكلفِ (¬2) حذفٍ لا داعيَ إليه، فتأمله.
(نتناوب النزول): قال الزركشي: أي: ينزل هو يوماً، وأنا أنزل يوماً (¬3).
قلت: إتيانه (¬4) بهذا التفسير عجيب، مع أن عمر -رضي الله عنه- فسره في متن الحديث بعقب قوله: نتناوب النزول، فقال: فينزل يوماً، وأنزل
¬__________
(¬1) انظر: "التنقيح" (2/ 549).
(¬2) في "ج": "بتكليف".
(¬3) انظر: "التنقيح" (2/ 549).
(¬4) في "ع" و"ج": "إثباته".
الصفحة 373