كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 5)

باب: الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ، وَإِذَا أَعْطَى بَعْضَ وَلَدِهِ شَيْئاً، لَمْ يَجُزْ، حَتَّى يَعْدِلَ بَيْنَهُمْ، وَيُعْطِيَ الآخَرِينَ مِثْلَهُ، وَلَا يُشْهَدُ عَلَيْهِ
وَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ". وَهَلْ لِلْوَالِدِ أَنْ يَرْجِعَ فِي عَطِيَّتِهِ؟ وَمَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَتَعَدَّى. وَاشْتَرَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ عُمَرَ بَعِيراً، ثُمَّ أَعْطَاهُ ابْنَ عُمَرَ، وَقَالَ: "اصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ".
(واشترى النبي - صلى الله عليه وسلم -[بعيراً] ثم أعطاه ابنَ عمر، وقال: اصنعْ به (¬1) ما شئت): فيه تأكيد للتسوية بين الأولاد في الهبة؛ لأنه -عليه السلام - لو سأل عمر، أن يهبه لابن عمر لم يكن عدلاً بين بني عمر، فلذلك اشتراه -عليه السلام -، ووهبه.
وفيه دليل على أن الأجنبي يجوز أن يخص بالهبة بعضَ ولدِ صديقه دونَ بعض، ولا يُعد ذلك جوراً.
وقال البخاري في الترجمة: ولا يُشهَد عليه (¬2) -بضم أوله وفتح ثالثه، على البناء للمفعول-؛ أي: لا يُشرع للشهود أن يشهدوا على ذلك؛ لامتناع النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله: "يأكل من مال ولده بالمعروف ولا يتعدى": وجهُ مناسبةِ هذه الزيادة للحديث: أن الحديث تضمن جواز الاعتصار؛ لقوله (¬3): فأرجعه، والاعتصار: انتزاعٌ من ملكِ الولدِ إليه بعد تحقُّقِه، فهو كأكله منه بالمعروف.
¬__________
(¬1) في "ع": "بي".
(¬2) "عليه" ليست في "ع".
(¬3) في "ج": "كقوله".

الصفحة 459