كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 5)

أبي بكر، ولا يقتضي مكارمُ الأخلاق أن يكون المِلْكُ له، والضمانُ على أبي بكر، والثمنُ إلى الآن لم يُقبض، ولا سيما في سياق إيثاره -عليه السلام- للحمل عن (¬1) أبي بكر، ولهذا أبى أن يأخذها إلا بالثمن، وقد كان أبو بكر آثر (¬2) أن يكون بغير ثمن.
وقال السهيلي: سئل بعض أهل العلم: لمَ (¬3) لم يقبلْها إلا بالثمن، وقد أنفق أبو بكر من ماله ما هو أكثرُ من هذا، فقبله، وقد قال -عليه السلام-: "لَيْسَ أَحَدٌ (¬4) أَمَنَّ عَلَيَّ في أَهْلٍ وَمَالٍ (¬5) مِنْ أَبي بَكْرٍ" (¬6)، وقد دفع إليه حين بنى بعائشة ثنتي عشرةَ أوقيةً، ونَشّاً، فلم يأبَ من ذلك؟ فقال المسؤول: إنما ذلك؛ لتكون هجرتُه إلى الله بنفسه وماله؛ رغبةً منه -عليه الصلاة والسلام- في استكمال فضل الهجرة، واستحسنه السهيلي.
قال: وذكر ابنُ إسحاق في غير (¬7) رواية ابن هشام: أن الناقة [التي] ابتاعها النبي - صلى الله عليه وسلم - من أبي بكر يومئذ هي ناقته التي تسمَّى بالجَدْعاء، وكانت من إبل بني الخريشِ بنِ كعبِ بنِ عامرِ بنِ صعصعةَ، وهي غيرُ العَضْباء (¬8).
¬__________
(¬1) في "ع" و"ج": "على".
(¬2) في "ع": "آثره".
(¬3) "لم" ليست في "ع".
(¬4) في "ع": "أحداً".
(¬5) في "ع": "أهلي ومالي".
(¬6) رواه البخاري (467) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(¬7) "غير" ليست في "ع".
(¬8) انظر: "الروض الأنف" (2/ 311).

الصفحة 57