(قال: كُلَّ ذلك لا أقول): قال الزركشي: بنصب "كلَّ"، وهو نظيرُ: "كُلَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ"؛ إذ النفي المجموع (¬1).
قلت: هذا خَبْط؛ فإن مراد ابن عباس نفيُ كلِّ واحدٍ من الأمرين؛ أي: لم أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا وجدته في كتاب الله، وليس مرادُه نفيَ المجموع من حيث هو مجموعٌ حتى يكون البعضُ ثابتاً، وإذا نصب كُلَّ ذلك، كانت "كلَّ" داخلة في حيز النفي؛ ضرورة أن نصبها (¬2) بـ "أقول" الواقع بعد حرف النفي، فيكون التركيب هكذا: لا أقولُ كُلَّ ذلك، فيكون المعنى: بل أقولُ بعضَه، وليس هذا من المراد كما تقدم، ثم كيف يكون التركيب مع نصب "كلَّ" نظيرَ: "كُلّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ"، والمنفيُّ هنا في حيّز (¬3) كُلّ، وفي النصب هي في حيز (¬4) النفي؟
نعم، إن رفع "كُلُّ" من قوله: "كُلُّ ذلك (¬5) لا أقول" على (¬6) أنه مبتدأ، و"لا أقول" خبرهُ، والعائد محذوف؛ أي: أقوله، على حد قوله:
قَدْ أَصْبَحَتْ أُمُّ الخِيَارِ تَدَّعِي ... عَلَيَّ ذَنْباً كُلُّهُ لَمْ أَصْنَعِ
برفع كلُّ، وحذفِ العائد؛ أي: لم أصنعه؛ أي: حينئذٍ أن يكون نظير: "كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ"، ويكون المنفي (¬7) كلَّ فرد، لا المجموع من
¬__________
(¬1) انظر: "التنقيح" (2/ 490).
(¬2) في "ع": "بضمها".
(¬3) في "ع" و"ج": "خبر".
(¬4) في "ج": "هي خبر".
(¬5) "كل ذلك" ليست في "ع".
(¬6) "على" ليست في "ج".
(¬7) في "ع" و"ج": "والمنفي".