كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد (اسم الجزء: 5)

فواللَّه لئن كنت خارجًا من الطلب والهرب، لقد هلكت وعظم شقاؤك، وطال حزنك وبكاؤك غدًا، مع الأشقياء المعذبين، وإن كنت تزعم أنك هارب طالب، فاغد في ذلك على قدر ما أنت عليه من عظم هذا الخطر، لا تغرنك الأماني.
واعلموا -رحمكم اللَّه- أن الإسلام في إدبار وانتقاص، واضمحلال ودروسٍ، جاء في الحديث: ترذلون في كل يوم، وقد يسرع بخياركم (¬1). وجاء الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ" (¬2) وجاء عنه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "خير أمتي القرن الذين بعثت فيهم، ثمَّ الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، والآخر شرٌّ إلى يوم القيامة" (¬3)
¬__________
(¬1) رواه البخاري في "الأدب المفرد" (139)، وابن حبان في "الثقات" 6/ 261، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 154 من كلام الحسن البصري، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" 9/ 135 - بعدما ذكر حديث أنس مرفوعًا: "لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه": ومن الناس من يروي هذا الحديث بالمعنى فيقول: كل عام ترذلون. وهذا لا أصل له، وإنما هو مأخوذ من معنى هذا الحديث واللَّه أعلم. اهـ قلت: وحديث أنس الذي ذكره الحافظ ابن كثير رواه الإمام أحمد 3/ 179، والبخاري (7068).
(¬2) رواه مسلم (145) من حديث أبي هريرة، ورواه عبد اللَّه في "زوائد المسند" 4/ 74 من حديث عبد الرحمن بن سَنَّة. قال الهيثمي في "المجمع" 7/ 278: فيه إسحاق بن عبد اللَّه ابن أبي فروة، وهو متروك. اهـ قلت: وفي الباب عن غير واحدٍ من الصحابة. يراجع "المجمع".
(¬3) لم أقف عليه بتمامه هكذا، لكن الشطر الأول إلى قوله: "ثم الذين يلونهم" رواه الإمام أحمد 1/ 378، والبخاري (2652)، ومسلم (2533) من حديث عبد اللَّه بن مسعود، قلت: وفي الباب عن جمع من الصحابة، انظر "كشف الخفاء" (1265)، وللشطر الثاني يراجع التخريج السابق.

الصفحة 511