قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه يسأل عن رجل صلى وعليه جلود الثعالب أو غيرها من جلود الميتة المدبوغة؟
فقال: إن كان لبسه وهو يتأول: "أيما إهاب دبغ فقد طهر" (¬1). فلا بأس أن يصلى خلفه. قيل له: فتراه أنت جائزًا؟
قال: لا، نحن لا نراه جائزًا؛ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" (¬2)، ولكنه إذا كان يتأول فلا بأس أن يصلي خلفه.
فقيل له: كيف وهو مخطئ في تأويله؟
فقال: وإن كان مخطئًا في تأويله، ليس من تأول كمن لا يتأول، ثم قال: كل من تأول شيئًا جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعن أصحابه أو عن أحدهم فيذهب إليه، فلا بأس أن يصلى خلفه، وإن قلنا نحن خلافه من وجه آخر؛ لأنه قد تأول.
قيل له: فإن من الناس من يقول: ليس جلد الثعالب بإهاب. فنفض يده، وقال: ما أدري أي شيء هذا القول؟ ! ثم قال أبو عبد اللَّه: من تأول فلا بأس أن يصلى خلفه، يعني إذا كان تأويله له وجه في السنة.
"التمهيد" 10/ 377
¬__________
(¬1) تقدم تخريجه.
(¬2) رواه الإمام أحمد 4/ 310، وأبو داود (4127)، والترمذي (1729)، والنسائي 7/ 175، وابن ماجه (3613)، وقال الترمذي: حديث حسن. وكذا حسنه الحازمي في "الاعتبار" ص 46، وصححه ابن حبان 4/ 93 - 96 مستشهدًا بكلام أبي حاتم في إثبات اتصال سنده، ثم ذكر الجمع بينه وبين قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أيما إهاب دبغ فقد طهر". كذلك وصححه الألباني في "الإرواء" (38) وبسط القول فيه، مناقشًا علله، فليتأمل. وانظر كذلك "التلخيص" 1/ 46 - 47، و"الصحيحة" (2812)، و"الضعيفة" 1/ 238 - 240.